حكم تداول البيتكوين Bitcoin العملة الافتراضية ؟ فقد كثُرَ السُّؤالُ عن حُكمِ التِّجارةِ بالعُملةِ الإلكترونيَّةِ والتداول بها حكم تداول البيتكوين Bitcoin حلال ام حرام ،حكم تداول البيتكوين Bitcoin شرعا” ، حكم تداول البيتكوين Bitcoin عبر النت ، حكم تداول البيتكوين Bitcoin على منصات التبادل ،
حكم تداول البيتكوين Bitcoin
الاجابه
ظهر في السنوات الاخيره تداول البيتكوين Bitcoin وعملات الكترونيه في مختلف دول العالم ومن اشهرها عمله البيتكوين ، وهي عمله الكترونيه يتم تداولها عبر الانترنت، دون وجود مادي محسوس لها،
وهي تفترق عن العملات المعروفه الاخرى بما يلي:
-هي عمله افتراضيه وليست شيئاً عينياً،
-ليس لها هيئه منظمه تصدرها،
-غير مدعومه بغطاء ذهبي او بقانون من الدوله، وانما قوتها من قوه المتعاملين بها، فاساس
وجودها ثقه الناس بها،
-يتم تداولها عن طريق عمليه برمجه وحل خوارزميات رياضيه من خلال عنوان رقمي لها، مربوط
بمحفظه الكترونيه،
واقع هذه العمله:
-تم طرح هذه العمله الافتراضيه للتداول، يقال: من قبل شخص اسمه ساتوشي وقيل: من مجموعه لا يُعلم بالتحديد من هي، في 2009 بقيمه كل بيتكوين 0،0001 دولار وارتفع قيمه البيتكوين الواحد في 2011 الى 35 دولار وفي منتصف 2017 الى 4 الاف دولار وهي تواصل الارتفاع ،سعر صرف البيتكوين Bitcoin
-معظم دول العالم تسمح بتداولها دون الاعتراف بها رسمياً باستثناء المانيا التي اعترفت بها بشكل رسمي كعمله ،
اسباب ودوافع اصدارها:
كسر احتكار حكومات الدول اصدار العملات والتحكم بها ، ولهذا فان شبكه البيتكوين مفتوحه وتدار من كل الناس الذين يتعاملون بها، ويستطيع اي شخص ان يعدل على نظامها اذا استطاع الوصول الى نظامها الداخلي من خلال شبكات الانترنت،
مخاطر التعامل بالبيتكوين:
-ليس هناك هيئه رسميه منظمه، معلومه، تصدر هذه العمله وبالتالي ليس لها مرجعيه معروفه للاشتكاء اليها في حال حصول الضرر او الخطر،
-غير معترف بها رسمياً من معظم دول العالم،
-تحتوي على كثير من المخاطر والغرر والجهاله، وهي عباره عن محفظه رقميه في حال نسيان او ضياع الرقم السري لها يضيع كل الرصيد،
-يغلب استعمالها في التجاره المشبوهه خاصه غسيل الاموال ،
-تعرض سعر العمله للتذبذب بسبب خطر الفيروسات،
-اساس وجودها ثقه الناس بها فاذا انفقدت الثقه انتهت العمله،
ايجابياتها:
-يمكن الشراء والتعامل بها بسهوله،
-تكسر احتكارات تحكم الدول في العملات
-فيها نظام الكتروني يحميها من التحايل،
-لها قيمه سوقيه معترف بها بين المتعاملين،
حُكمُ التعامُلِ بهذه العُملهِ:
لقد بحَث جمْعٌ مِن العلماءِ والباحثينَ في حُكمِ هذه العُملهِ، لكنَّ اكثرَ الذين اطَّلعتُ على اقوالِهم في هذه القضية قَصَروا كلامَهم على جانبٍ واحدٍ مِن جوانبِ القضيَّه، وفاتَهم احدُ اهمِّ جوانبِها، بلْ فاتَهم الجانبُ الاهمُّ منها، وهو محورُ الحديثِ في هذه الورقه،
لقد قصَرَ اكثرُ الباحثينَ حديثَهم على “ماليَّه، او نَقديَّه” هذه العُملهِ، وبنَوا على حُكْمِهم بكونِها نقْدًا مِن عدَمِه احكامًا اُخرى؛ منها: اباحهُ التعامُلِ بها- اي: اباحهُ استعمالِها نقودًا- ثمَّ جَريانُ الرِّبا فيها، ووجوبُ الزَّكاهِ فيها كوُجوبِها في النَّقدينِ، وكوُجوبِها في العُملهِ الورقيَّه،
وذكَرَ بعضُ الباحثينَ انَّ تذبْذبَ اسعارِها يَقترِبُ بها مِن المُقامَرهِ المُحرَّمهِ شرْعًا، واشار بعضُهم الى سُهولهِ تَزييفِها نوعًا ما، ومِن ثَمَّ تحريمُ التعامُلِ بها، واشار اخَرونَ ايضًا الى امكانِ استخدامِها في عملياتِ التهريبِ والاجرامِ الدَّوليِّ؛ ولذا فيُمنَعُ التعامُلُ بها، وجُلُّ هذه اسبابٌ جانبيَّهٌ قد تُؤثِّرُ في الحُكمِ، وانْ لم تكُنْ هي العِلَّهَ المُؤثِّرهَ فيه،
وقد توقَّفَ في حُكمِها جمْعٌ مِن العُلماءِ، لا لشيءٍ ولكنْ لتَوقُّفِهم في الحُكمِ بكونِها نقدًا؛ ولذلك خلَصوا الى انَّها اذا جرَت مَجرى الاوراقِ النَّقديَّه، بحيث اعتُرِفَ بها مِن قِبَلِ دُولِ العالَمِ كلِّها او مُعظمِها، واصبَحَ التعامُلُ بها خاضعًا لانظمهٍ وقوانينَ تَمنعُ التحايُلَ بها؛ فانَّ التعامُلَ بها عندئذٍ يكونُ مباحًا،
وفصَّلَ قليلٌ مِن الباحثينَ مِن اصحابِ الخِبرهِ في الاقتصادِ في حُكمِها، وذَكَروا انَّ ما كان له غِطاءٌ بالذَّهبِ او باموالٍ عَينيَّهٍ اُخرى، فانَّه قد ياخذُ حُكمَ الاباحهِ، وليتَ هؤلاء رَفَعوا اصواتَهم وابْرَزوا قَضيَّهَ غِطاءِ الذَّهبِ واثَرها في الاقتصادِ العالميِّ؛ حتى يكونَ هذا الاشكالُ احَدَ اهمِّ محاورِ عمليَّهِ البحثِ في حُكمِها،
وقبْلَ الحديثِ عن كونِها مالًا ام لا، وحتى نَفهَمَ قضيَّهَ غطاءِ الذَّهبِ واثَرَها في حُكمِ التعامُلِ بهذا النوعِ مِن العُملاتِ؛ يجِبُ علينا انْ نتامَّلَ في مَبدئِها وكيفيَّهِ ظُهورِها؛ فبالتامُّلِ نجِدُ انَّ جميعَ اشكالِ هذه العُملهِ اُنشِئَت مِن لا شَيءٍ، فهي- كما ذكَرْنا انفًا- مُجرَّدُ ارقامٍ، او ربَّما اشكالٍ الكترونيَّه، كتَبَها او رَسَمَها او بَرْمَجَها احدُ مُستخدمي اجهزهِ الحاسبِ الاليِّ؛ فليس لها ايُّ اصلٍ محسوسٍ، ولا مادَّهٍ استُخْرِجَت منها، فليس هناك تَكلفهٌ حقيقيَّهٌ في انشائِها سِوى الكهرباءِ التي استُهْلِكَت في تَشغيلِ تلك الحاسباتِ، والوقتِ الذي صرَفهُ المُبرمجُ في كتابتِها!
وبمعنًى اخرَ نقولُ: انَّ هذا النوعَ مِن العُملهِ او النقْدِ صُنِعَ او اُوجِدَ مِن لا شيءٍ، وهذا يعودُ بنا الى الوراءِ لِيُذكِّرَنا بحالِ الورقِ النقديِّ بعدَ فكِّ الارتباطِ بينه وبين الذَّهبِ، الذي قامَتْ به الولاياتُ المُتَّحدهُ الامريكيهُ عام 1971 م، فيما عُرِفَ بصدْمهِ نِيكسون؛ فقد كانت الاوراقُ النَّقديَّهُ حتى ذلك الوقتِ مُغطَّاهً بالذَّهب، او لِنَقُلْ: كانت الاوراقُ النَّقديَّهُ عبارهً عن سَنداتِ مِلكيَّهٍ لمِقدارِها مِن الذهبِ؛ ولذلك اعْتِيدَ انْ يُكتبَ عليها عبارهٌ مَفادُها بانَّ الدَّولهَ المُصْدِرهَ تلْتزِمُ دفْعَ ذَهبٍ، قِيمتُه بقيمهِ تلك العُملهِ الورقيَّهِ لحاملِ تلك الاوراق، فلمَّا انهَتِ الولاياتُ المُتَّحدهُ ذلك الارتباطَ، لم يَعُدِ الذهبُ غِطاءً للدُّولارِ، وقد جَرَتِ الدُّولُ الاخرى على هذا المنوالِ، ومعنى ذلك: انَّ الدُّولَ يُمكِنُها انْ تصنعَ مالًا مِن لا شيءٍ سِوى الورَقِ الذي طُبِعَ عليه، وهذا ما تَمَّ فِعلًا؛ فاصبَحت الدُّولُ تَطبعُ عُملتَها على الاوراقِ دونَ انْ يكونَ لهذه الاوراقِ ايُّ غطاءٍ مِن ذَهبٍ او فِضَّه، او حتى مِن غيرِهما مِن الاموالِ،
لقد تحدَّثَ كثيرٌ مِن الاقتصاديِّينَ الغربيِّينَ عن هذا التحوُّل، وعَدُّوه مِن اكبرِ الاحداثِ الاقتصاديَّهِ العالميهِ، وتحدَّث بعضُهم عن مَخاطرِه، لكنْ كونُه قرارًا امريكيًّا اغْشى نظَرَ الكثيرينَ عن خُطورتِه، واضعَفَ اصواتَ مَن ادرَكَ خُطورتَه مِن اقتصاديِّي الغَرْب، وكان مِن المُحزنِ غِيابُ صوتِ فُقهاءِ المسلِمينَ واقتصاديِّيهم، فضْلًا عن صوتِ الامَّهِ الاسلاميَّهِ، مُتمثِّلًا في الدُّولِ الاسلاميَّه!
وقد لا اكونُ مُبالِغًا انْ قلتُ: انَّ هذه التحوُّلَ يُعَدُّ اساسَ المصائبِ التي جرَّت على العالَمِ كلِّه ويلاتٍ اقتصاديَّهً مُتنوِّعهً، ولم اجِدْ- في حدودِ بَحثي المُتواضعِ- مَن كشَفَ عن حَقيقهِ خُطورهِ هذا القرارِ وصِلتِه بسيطرهِ ثُلَّهٍ قليلهٍ مِن الاغنياءِ والاقوياءِ على اقتصادِ العالمِ، وصِلَتِه كذلك بكُلِّ المُشكلاتِ الاقتصاديَّهِ التي يُعاني منها العالَمُ،
وهذه مُحاولهٌ لتوضيحِ حقيقهِ هذا القرارِ وخُطورتِه، ثمَّ صِلَتِه بما عُرِفَ الان بالعملهِ الالكترونيَّهِ المُشفَّره،
يُعَدُّ هذا القَرارُ في حقيقتِه فَتحًا لبابِ ما يُعرَفُ بعمليهِ “خَلْق النُّقودِ”، او “ايجادِ النُّقود” او “توليدِ النُّقود” مِن لا شيءٍ، creation of money - وان كانت العبارهُ الادَقُّ هي خَلقَ النُّقودِ- والتي تجري بعِدَّهِ صُوَرٍ، منها: زيادهُ المعروضِ النَّقديِّ مِن خِلالِ تَكرارِ عَملياتِ الاقراضِ، فكُلُّ هذه الصُّورِ لم تكُنْ لِتَحدُثَ لو كانت العُملهُ الوَرقيَّهُ سَنَداتٍ حَقيقيَّهً مُرتَبِطهً بمُقابِلِها مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّهِ، او ايِّ مالٍ حَقيقيٍّ اخَرَ،
فطِباعهُ الدُّولارِ مثلًا الذي يُعَدُّ عُملهً قويَّهً- او هو الاقوى حتى الان- يُشترَى ويُباع بها، ما هي الَّا ايجادٌ للنُّقودِ مِن لا شَيءٍ، فقد امكَنَ صُنعُ الدُّولارِ مِن لا شيءٍ؛ لانَّه لم يَعُدْ سَندًا لملكيَّهِ مِقدارِه من الذَّهبِ، بل لم يَعُدْ سَنَدًا لملكيَّهِ مِقدارِه مِن ايِّ مالٍ حقيقيٍّ اخَرَ، او بعبارهٍ اُخرى: انفكَّ ارتباطُه بالذَّهبِ، او بالمالِ الحقيقيِّ، وهذا امرٌ، والزامُ الدُّوَلِ مُواطنيها او التزامُها لهم اعتبارَ عُملتِها نَقدًا يُباعُ ويُشترى بها، وقَبوُلها عِوَضًا ومُقابِلًا ماليًّا- امرٌ اخَرُ،
ومِن ثَمَّ تمكَّنت دُوَلُ العالَمِ مِن ايجادِ المالِ مِن لا شيءٍ، فاصبحَت حُرَّهً غيرَ مُقيَّدهٍ بمِلكِ الذَّهبِ والفِضَّهِ، بلْ اضْحَت قادرهً على “صناعهِ” ذهَبِها وفضَّتِها الخاصَّهِ مِن لا شيءٍ، لا احدَ يُحاسِبُها على ذلك، وكلما ازدادت قوَّهُ الدَّولهِ العَسكريَّهُ والسياسيَّهُ، ازدادت قُوَّهُ عُملتِها، ومن ثمَّ تمكَّنت ثُلَّهٌ قَليلهٌ مِن اصحابِ النُّفوذِ مِن السَّيطرهِ على اقتصادِ العالمِ مِن خلالِ مالٍ وهْميٍّ ليس له حقيقهٌ، مُستغلِّينَ بذلك قوَّتَهم ونُفوذَهم، امَّا الدُّولُ الضَّعيفهُ فما تصنَعُه مِن مالٍ فانَّه مالٌ ضعيفٌ ليس له ايُّ قُوَّهٍ الَّا مِن خلالِ ارتباطِه بالدُّولارِ، حتى ولو كانت غنيَّهً بمَصادِرِها الطبيعيَّهِ مِن ذَهَبٍ او فِضَّهٍ، والدُّولارُ- كما ذكَرْنا- ليس لديه ايُّ رصيدٍ او غِطاءٍ حقيقيٍّ!
ومِن اهَمِّ الدَّلائِلِ على اهميَّهِ الفَرقِ بين كَونِ العُملهِ الورقيَّهِ سَنَداتٍ حَقيقيَّهً امَّا لِذَهبٍ او فِضَّهٍ، او لِغَيرِها من الاموالِ الحقيقيَّهِ، وبين كَونِها ورقهً تلتَزِمُ الدُّوَلُ المصْدِرهُ لها اعتبارَها عِوَضًا ماليًّا- حصولُ التضَخُّمِ، وهو زيادهُ المعروضِ النقديِّ مقابِلَ ما يجِبُ ان يمثِّلَه مِن سِلَعٍ، فلو كان النَّقدُ سَنَداتٍ حقيقيَّهً لمالٍ حقيقيٍّ لَما حصل ذلك التضَخُّمُ، وكما هو معلومٌ فانَّ التضَخُّمَ مِن اكبَرِ المشاكلِ الاقتصاديَّهِ التي تواجِهُ دُولَ العالمِ، لا سيَّما الضَّعيفهُ منها، حتى ولو كان الذَّهَبُ الطَّبيعيُّ اهمَّ ثَرَواتِها!
انَّ المُتامِّلَ في حِرصِ الشَّريعهِ الاسلاميَّهِ البالغِ على التقابُضِ في مَجلِسِ العَقدِ، لا سيَّما اذا ما تُبودِلَ مالٌ بمالٍ، لَيجِدُ مُعجزهً مِن مُعجزاتِ الشَّريعهِ الاسلاميَّه؛ فقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحديثِ المشهورِ الذي يُعَدُّ اهمَّ حديثٍ في بابِ الرِّبا: (( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّهُ بِالْفِضَّهِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ؛ فَاِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْاَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، اِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ))،
فالتَّقابضُ هو الوسيلهُ الفعَّالهُ الصُّلبهُ لمنْعِ هذه العمليَّهِ، اعني: خَلْقَ النُّقودِ، creation of money ، والتي تَحدُث حينما يُتبادَلُ الذَّهبُ والفِضَّهُ- وهما اللَّذانِ يُعدَّانِ اساسَ الاموالِ، وهما النَّقدانِ الوحيدانِ في الشَّريعهِ الاسلاميَّهِ- مِن خِلالِ وُعودٍ بين المُتبادلين، حتَّى ولو كانت هذه الوُعودُ مُوثَّقهً على اوراقٍ، او مِن خلالِ تبادُلِ سَنداتِ المِلكيَّهِ للذَّهبِ او الفضَّه، وتلك الوعودُ المُوثَّقهُ او سَنداتُ الملكيَّهِ هي ما عُرِفَ بعدَ ذلك بالاوراقِ النَّقديَّه،
فالرِّبا تَمنعُه المُماثَلهُ، وخلقُ النقودِ يَمنعُه التقابُضُ، كما نَصَّ على ذلك الحديثُ السابقُ، وهاتانِ العمليَّتانِ- وهما الرِّبا وخلق النقود- مُرتبطتانِ ارتباطًا وثيقًا بعضُهما ببعضٍ، فلا يتحقَّقُ التقابُضُ الذي يمنعُ الرِّبا الا اذا كان المالُ حقيقيًّا، فالرِّبا وخَلْقُ المال هما اساسُ خرابِ الاقتصادِ العالميِّ ومشاكِلِه المتعَدِّدهِ، واساسُ اختلالِ التوازُنِ الذي خَلَقَ اللهُ جلَّ وعلا عليه الكونَ، ووزَّعَ الارزاقَ؛ فانَّ اللهَ جلَّ وعلا رزَقَ بَعضَ البلادِ بالذَّهب، وبعضَها بغيرِ الذَّهب، فاذا ما صُنِعَ ذهَبٌ- او نقْدٌ- مِن لا شيءٍ، اختَلَّ هذا التوازنُ وهذا العدْلُ الالهيُّ، وحَلَّ مكانَه الظُّلمُ الذي يُمارِسُه القويُّ الذي لا يُؤمِنُ باللهِ، ويتمرَّدُ على سُلطانِه: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6، 7]،
وخَلقُ المالِ يمنَحُ فُرصهً لايجادِ مالٍ وهميٍّ ليس له ايُّ غِطاءٍ، بل، وكما هو الحالُ في العُملهِ الالكترونيَّهِ المشَفَّرهِ، يمكَّنُ العدَدُ المحدودُ الذي يمتَلِكُ مهاراتِ خَلقِ المالِ مِن الحُصولِ على الثَّروهِ، وربَّما احتكارِها، ولِكَونِه غيرَ مُنضَبِطٍ فهو بابٌ واسِعٌ للغِشِّ والخِداعِ؛ اذ ليس ثمَّهَ مالٌ حقيقيٌّ يمكِنُ تقييمُه، ومِن ثمَّ يُمكِنُ التلاعُبُ في اسعارِه والتحَكُّمُ فيها، وهذه القيمهُ غيرُ المُنضَبِطهِ تَقفِزُ ارتفاعًا وتهوي انخفاضًا في وقتٍ يسيرٍ، ويحدُثُ بسَبَبِ هذا المالِ غيرِ الحقيقيِّ الشِّراءُ المُزدَوجُ عِدَّهَ مرَّاتٍ، فيُخلَقُ مِن هذا المالِ الوهميِّ مالٌ وهميٌّ اخَرُ، مهما سُنَّت من قوانينَ لِضَبطِ هذه العمليَّهِ، فيُصبِحُ الاقتِصادُ العامُّ او اقتِصادُ ذلك السُّوقِ فُقاعهً لا تلبَثُ ان تَنفَجِرَ مُحدِثهً دَمارًا هائِلًا،
ومع الاسفِ، فانَّ قضيَّهَ خلْقِ المالِ لم تاخُذْ حظَّها الكافيَ مِن البحثِ والدِّراسهِ مِن قِبَلِ فُقهاءِ المسلمينَ، مع انَّها وانْ كانتْ قرينهً للرِّبا في كَثيرٍ مِن الاحيانِ، الَّا انَّ بعضَ صُوَرِها وتشعُّباتِها تمتدُّ الى ما لا تَمتدُّ اليه صُوَرُ الرِّبا وتشعُّباتِه،
وعلى هذا، فانَّ ايَّ خلق او ايجاد للمال مِن لا شيءٍ امْرٌ مُحرَّمٌ في الشريعهِ ؛ فهو ابتداء اعتِداءٌ على حقِّ الخالقِ في الخلْقِ؛ فهو وحْدَه جلَّ وعلا مَن يُوجِدُ شيئًا مِن لا شيءٍ {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الاعراف: 54]،
ولو انَّ العالَمَ الاسلاميَّ كان له حُضورٌ على السَّاحهِ العالميَّه، وعلى الاقتصادِ العالميِّ، لَمَا اَذِنَ بفَكِّ الارتباطِ بين الذَّهبِ والعُملهِ الورقيَّه، ولَاصَرَّ على انْ تكونَ الاوراقُ النَّقديهُ مُجرَّدَ سَنداتِ مِلكيهٍ لِمَا يُساويها مِن الذَّهب، ولَامْتنعَتِ الدُّولُ الاسلاميَّهُ عن التعامُلِ بهذا المالِ الوهميِّ الذي صنَعَه القَويُّ الظالمُ مِن البَشرِ، ولَقاوَمَت استعمالَه حتَّى اخِرِ رمَقٍ قبْلَ انْ تقَعَ ضحيَّهً له ولمَن صنَعَه!
حُكمُ العُملهِ الالكترونيَّهِ غيرِ المُغطَّاهِ بايِّ نوعٍ مِن انواعِ المالِ:
هذه العُملهُ الالكترونيَّهُ المُشفَّرهُ صُورهٌ اُخرى مِن صُوَرِ صناعهِ المالِ الذي ليس له ايُّ غِطاءٍ، وكما ذكَرْنا فانَّها الانَ تُصنَعُ مِن قِبَلِ افرادٍ او شركاتٍ ودُول، ولم تُعتمَدُ حتى الانَ للتعامُلِ الدَّوليِّ، وقد يتِمُّ ذلك قريبًا؛ لِتَحُلَّ مَحلَّ العُملهِ الورقيَّه، وليسَا الا وجْهينِ لعُملهٍ واحدهٍ؛ نقْدٌ وهْميٌّ ليس له غِطاءٌ ماليٌّ، فضلًا عن انْ يكونَ له غِطاءٌ مِن النَّقدينِ الحقيقَينِ: الذَّهبِ والفِضَّه،
ولذلك تَحرُم صِناعهُ هذا النَّقدِ المعروفِ بالنُّقودِ الالكترونيَّهِ المُشفَّرهِ Cryptocurrency، سواءٌ كان ابتداءً، او مِن خلالِ ما يُعرَفُ بعملياتِ التَّنقيب؛ لانَّه ايجادٌ للمالِ مِن لا شيءٍ- كما تقدَّمَ، ويَحرُم كذلك ضَخُّ الاموالِ لتَقويتِه مِن خلالِ تداولِه بَيعًا وشِراءً،
امَّا اذا اصبَحتْ هذه العُملهُ بديلًا او رَديفًا للعُملهِ الورقيَّه، والتَزَمت الدُّوَلُ او البُنوكُ المركزيَّهُ او الجِهاتُ القانونيَّهُ المُصْدِرهُ لها، بصَرفِها بقيمتِها مِن ايِّ انواعِ البضائِعِ او النتاجِ المحليِّ، كانْ يكونَ لدينا دُولارٌ ورقيٌّ، او دُولارٌ رقميٌّ، او عُملهٌ اُخرى امريكيَّهٌ رَديفهٌ للدُّولارِ، مِثْلُ ايِّ دولارٍ، لها سِعرُ صرْفٍ مُعيَّنٌ ومُحدَّدٌ، كما هو الحالُ في الدُّولار؛ فاذا اصبحَتْ تلك العُملهُ بديلًا او رَديفًا للعُملهِ الورقيَّهِ، وفُرِضَ على دولِ العالمِ كلِّه- ومنها الدُّولُ الاسلاميَّه- “صكُّها” كبَديلٍ او رَديفٍ للعملهِ الورقيَّه، وامكَنَ ضبْطُ سِعرِها بسِعرِ صرْفٍ مُحدَّدٍ- مع ارتفاعٍ او انخفاضٍ يَسيرٍ، كما هو الحالُ في العُملهِ الورقيَّهِ- غَيرِ قابلٍ للتَّذبذباتِ الكبيرهِ والسريعهِ التي تَجعلُها نوعًا مِن القِمارِ المُحرَّمِ شرعًا؛ وسُنَّتْ تشريعاتٌ كافيهٌ لضمانِ استمرارِ التعامُلِ بها اولًا، ثُمَّ وَفْقَ ما تقدَّمَ مِن الشُّروطِ ثانيًا: فقد يُقال عندئذٍ باباحهِ التعامُلِ بها، كما يُباحُ الانَ التعامُلُ بالورَقِ النقديِّ اضطرارًا، وتُصبِحُ بديلًا مُشابهًا له، مع انَّ اصلَه- اي: الورَقِ النقديِّ- بعدَ فكِّ الارتباطِ بيْنه وبين الذهبِ مُحرَّمٌ،
وعلى الدُّولِ الاسلاميَّهِ انْ تُحاوِلَ جاهدهً- اذا ما ارادتِ استقلالَ اقتصادِها، وبسْطَ العدْلِ على الارضِ- تجنُّبَ بيْعِ ثَرواتِها بمُقابلٍ يُدفَعُ مِن خلالِ تِلك العُملات؛ حتَّى لا يُضَخُّ مزيدٌ مِن القوَّهِ فيها، وانما بيعُ ثَرواتِها بذهبٍ او فِضَّهٍ حقيقَيْنِ، او مِن خلالِ مُقايضهٍ باموالٍ منقولهٍ،
حُكمُ العُملهِ الالكترونيَّهِ المُغطَّاهِ بالذهبِ:
كما ذكرتُ سابقًا، فانَّه مِن غيرِ المُتصوَّرِ انْ تكونَ بعضُ هذه العُملاتِ حتى الانَ مُغطَّاهً بغِطاءٍ حَقيقيٍّ مِن الذَّهب، وغايهُ ما في الامْرِ تعهُّدُ بعضِ مُصْدِريها بدَفْعِ قِيمتِها الاصليَّهِ ذهَبًا، وعلينا انْ نَتثبَّتَ مِن هذا التعهُّد، وهل هو مُجرَّدُ تعهُّدٍ ادبيٍّ، ام تعهُّدٌ مُلزِمٌ مِن خلالِ تبعيَّتِه لقانونٍ مُستقرٍّ ومُعترَفٍ به،
هذا مِن ناحيهٍ، ومِن ناحيهٍ اُخرى: لا بُدَّ انْ يكونَ سِعرُها مُتناسبًا مع سِعرِ الذَّهب؛ حتَّى نتحقَّقَ مِن مِصداقيَّهِ هذا الغِطاءِ، واذا كان الامرُ كذلك فيجِبُ الامتناعُ عن التعامُلِ بها بصورهٍ تَفصِلُ بينها وبين الذَّهبِ الذي يُغطِّيها مِن خلالِ المُزايدهِ في سِعرِها؛ فاسعارُ الذهبِ وانْ كانت تتغيَّرُ الا انَّه تغيُّرٌ مَحدودٌ مُقارنهً بالزَّمنِ المُستغرَقِ لتغيُّرِه، فاذا ما تَذبذبَ سِعرُ هذه العُملاتِ بشكلٍ كبيرٍ وفي زمنٍ قصيرٍ، دلَّ ذلك اوَّلًا على عدَمِ وجودِ غِطاءٍ حقيقيٍّ لها مِن الذَّهب، وكذلك اصبحَ القولُ بحُرمهِ التعامُلِ بها مُتعيِّنًا؛ وذلك لاقترابِ ذلك التعامُلِ بها بَيعًا وشِراءً مِن المُقامَرهِ المُحرَّمهِ، كما ذكَرْنا سابقًا،
ومن نافلهِ القول: انَّه انْ ثبَتَ لها غِطاءُ الذَّهبِ بتلك القُيودِ التي ذكَرْنا، فانَّها لا تُصبِحُ عُملهً مُستقلَّه، بلْ حقيقتُها انَّها سَنداتُ مِلكيهٍ للذَّهب، ومِن ثَمَّ تَخضعُ لاحكامِ الصَّرفِ المعروفه، ولا اُطيلُ فيها؛ لانَّي ذكرْتُ هذا الوجهَ احتمالًا، والا فلا اظنُّ انَّه واقعٌ حَقيقيٌّ، على الاقلِ حتى هذا الوقتِ،
حُكمُ العُملهِ الالكترونيَّهِ المُغطَّاهِ بانواعٍ اُخرى مِن الاموالِ او المَنقولات:
كما ذَكرْتُ انفًا في حُكمِ تلك العُملهِ المُغطَّاهِ بالذهب: انَّه مِن غيرِ المُتصوَّرِ انْ تكونَ بعضُ صُورِ او انواعِ هذه العُملهِ مُغطَّاهً بالذَّهب، فكذلك الحالُ بالنِّسبهِ لغِطائِها مِن الاموالِ والمنقولاتِ الاُخرى، بلْ انَّ عدَمَ الامكانِ هنا اقْوى، وعلى كُلِّ حالٍ: انْ فُرِضَ وُجودُ نوعٍ مِن انواعِها ممَّا له غِطاءٌ بانواعٍ اُخرى مِن الاموالِ- كالاراضي، والعَقار، ونحوِ ذلك- فانَّ هذه العُملهَ لا يُمكِنُ الَّا انْ تُعَدَّ سَندَ مِلكيهٍ لذلك المالِ، وعندئذٍ فيَتعيَّنُ علينا انْ نَتعاملَ معها كسَنداتِ مِلكيَّهٍ، وليس كوَرَقٍ نقْديٍّ، الا اذا استقرَّ التعامُلُ بها كورَقٍ نقْديٍّ، وعندئذٍ لا بدَّ لنا مِن نظَرٍ جديدٍ في حُكمِها كما تقَدَّمَ، ويُقال فيها ما قِيل في سابقَيها مِن التَّحرُّزاتِ؛ لِتَجنُّبِ دُخولِ المَيْسِرِ عند التعامُلِ بها،
لمزيد من المعلموات يمكنك زيارة موقعنا

حكم البيتكوين الفوزان،
حكم العملات الرقمية إسلام ويب،
حكم البيتكوين هيئة كبار العلماء 2020،
حكم البيتكوين المجمع الفقهي،
سبب تحريم البيتكوين،
حكم البيتكوين الشبيلي،
حكم البيتكوين 2020،